اللـــؤلؤ.. من محــَـار البحـــر إلى أســـرار الســـاعات

Pearl Watches
Pearl Watches
Pearl Watches
Pearl Watches
Pearl Watches
Pearl Watches
Pearl Watches
Pearl Watches
Pearl Watches


في الوقت الذي تقدّم فيه الأرض أحجاراً براقةً ومذهلةً، تسهم بحار العالم بجمال الوقت وسحره، حيث تقدّم واحدةً من الأحجار الكريمة الأكثر ندرةً والأكثر تفرّداً على الإطلاق وهي اللؤلؤ. فهذه الحجرة الكريمة اللامعة هي الوحيدة التي تولد وتنمو داخل كائنٍ حيّ فيزيد سحرهاً سحراً وغموضها غموضاً.

شكّلت اللآلئ على مدى قرونٍ من الزمن غرضاًَ مرغوباً به وأحاطتها أساطير وخرافات كثيرة ومتنوّعة. يُقال إنّ ملكة مصر كليوباترا أصرّت أثناء مأدبة عشاءٍ فخمةٍ أنّ بإمكانها تحضير الوجبة الأغلى في العالم. وفي منتصف العشاء، خلعت لؤلؤةً رائعةً كانت ترتديها فأذابتها في الخلّ ثم شربتها مبرهنةً صحّة كلامها. وتفيد أسطورةٌ أخرى بأنّ اللآلئ تتشكّل عندما تتساقط قطرات الندى المغمورة بضوء القمر في المحيط. أما البابليّون القدامى، فكانوا يعتقدون أنّ اللآلئ تتمتّع بقدرةٍ على استعادة الشباب ومنح القوى التي تبعث على الحياة. 

في الحقيقة، زيّنت هذه الهدية الغالية التي تقدّمها البحار المتوفرة بفضل لونها وشكلها ولمعانها، العالم الملكي على مرّ العصور، حيث كانت تتصدّر الصولجانات والتيجان والحلي وغيرها. وبما أنّ اللآلئ تنتج عن عملية طبيعيةٍ، فهي تعتبر غاية في الندرة لدرجةٍ لا تُصدّق. وحسب التقديرات، فإنّ حظوظ تشكّل لؤلؤة طبيعية هي حوالي 1 على 10,000. 

على الرغم من ذلك، ولحسن الحظّ، تعلّم الإنسان كيفية زراعة اللآلئ. من هنا، انطلقت العلامة التجارية العريقة والمشهورة حالياً في عالم اللآلئ– ميكيموتو- على يد رجل أعمالٍ ياباني متخصص في اللآلئ كان أوّل من نجح في نهاية القرن التاسع عشر في تقديم لآلئ اصطناعية نصف كروية. 

تبدأ عملية زراعة لؤلؤة بإدخال مادةٍ محفّزةٍ (عادةً ما تكون خرزةً صغيرةً من عرق اللؤلؤ) إلى أنواع مختلفة من الرخويات (مثل أصناف المحار وبلح البحر ومحار الأسقلوب) للحثّ على إنتاج مادةٍ تعرف بعرق اللؤلؤ وتغلّف بالإجمال نواة الجسم الغريب في غطاء الرخويات ما يسفر في نهاية المطاف عن لؤلؤة. تتشكّل اللآلئ من المادة نفسها كصدفة الرخويات في حين تستمد أشكالها وألوانها من الرخويات الحية التي تستضيفها. 

وعلى ضوء ما سبق، تعتبر زراعة اللآلئ، كما يُشار إليها، مزيجاً من العلم والطبيعة. وتقضي هذه العملية أوّلاً بقيام غوّاصين ماهرين ومتمرّسين بالغوص إلى أعماق المحيطات بحثاً عن الرخويات متحمّلين خطر المدّ والجزر والأسماك الهلامية القاتلة وحتّى زيارات بعض أسماك القرش. وما إن تتم إزالة الرخويات، حتى تدخل فيها المادة المحفّزة للنواة (من خلال فتح الصدفة قليلاً ووضعها في الغلاف الدهني). عندئذٍ، يُعاد المحار إلى عالم المياه الضحلة تحت طوف من اللآلئ. وبعد تركها لأسابيع متعدّدة، يتمّ نقل المحار إلى الجزء الرئيس من مزرعة اللؤلؤ، وبالاعتماد على المنطقة التي تتم تربيتها فيها من العالم إمّا أن تُلحق بمكبّ للآلئ يرقد في قاع المحيط أو تتدلّى من حبال طويلة يتمّ تعليقها بين عوّامات. على هذا المستوى، تكون الرخويات تحت رحمة حيوانات الإسفنج وغيرها من الكائنات البحرية الحيّة التي تتمسّك بها. من هنا يجب تنظيفها باستمرار أو تموت. إنها في الحقيقة مهمّة متعبة وشاقة تقضي بسحب المحار إلى الأعلى، حيث تُقشّر عنه المخلوقات وتُغمّس الأصداف في المياه العذبة من أجل قتل المخلوقات البحرية الأخرى لتعاد في النهاية إلى الحبال الطويلة. تستغرق اللآلئ بالإجمال بين سنةٍ وسنتين لتنمو داخل صدفة الرخويات قبل أن يتمّ جمعها حبّةً تلو الأخرى. 

أمّا اليوم، فتزرع اللآلئ وتحصد في أجزاءٍ مختلفة من العالم وبما في ذلك في المياه العذبة. وعلى الرغم من ذلك، تأتي أغلبية اللآلئ البارزة والمرغوب بها من اليابان والصين وجنوب المحيط الهادئ. 

وبالانتقال إلى أشكالها وألوانها، فهي تتراوح من اللون الأبيض إلى الكريم والذهبي والزهري والأرجواني المزرق والأخضر والرمادي والأسود التاهيتي الدرامي والغامض. تعدّ كل لؤلؤة فريدة بحد ذاتها، بفضل لمعانها وحجمها وشكلها، وهي خصائص تختلف اختلافاً شاسعاً بين اللؤلؤة والأخرى. وإلى جانب ما سبق، تختلف أنواع اللآلئ، فتتراوح بين لآلئ أكويا (لآلئ كلاسيكية تتمتع بمعدّل لمعانٍ عالٍ) واللآلئ التاهيتية السوداء والكبيرة الحجم من بحر الجنوب، لؤلؤ مابي (التي تنمو على الجدار الداخلي لصدفة الرخويات بدلاً من غلافها وهي بالتالي تتمتّع بظهرٍ مسطّح) واللؤلؤ الباروكي الذي يتميّز بأشكاله غير المتساوية.

ولابدّ من الإشارة إلى أنّ المادة التي تعرف بتسمية عرق اللؤلؤ تأتي من سطح الصدفة الداخلي الذي يكون مغلّفاً بمادة صلبة ناعمة قزحية اللون. تستخدم مادة عرق اللؤلؤ أكثر ما تستخدم في صناعة الساعات وبالتحديد في عقارب الساعات وأرقامها. 

لآلئ الساعات والوقت

يعود استخدام اللآلئ في الساعات بالزمن إلى أيام ساعات الطاولات القديمة حيث كانت العلامات التجارية تزيّن الساعات المنمّقة والراقية باللآلئ لإضافة رونقٍ وقيمةٍ لها. أما ساعات المعصم، فقد دخلت إليها التزيينات باللآلئ والأقراص المزّينة باللآلئ في بداية القرن الثامن عشر عندما كان الفن الحديث في ذروته. بعد ذلك، أبرزت علامات تجارية متعددة لعبة الأسود والأبيض من خلال استخدام الأونيكس وعرق اللؤلؤ في تصاميم مذهلة للحلي وساعات المعصم. 

وفي أيامنا هذه، تتم معالجة أساور الساعات المصنوعة من حبال من اللؤلؤ بأساليب مختلفة، حيث يتم بالإجمال مزجها مع لمسات من الذهب والألماس في العلامات التجارية الأرقى المتخصّصة بتصميم الساعات المميزة. من هنا، تقدّم شانيل أساور من اللؤلؤ بلفتين أو ثلاث لفّات. 

وتواصل اليوم العلامات التجارية المتخصصة بتصميم الساعات الراقية باستخدام اللآلئ في غطاءات الساعات المعدنية في تصاميم جديدة وغير تقليدية مذهلة تحبس الأنفاس. أما حبوب اللؤلؤ الكاملة – على غرار لؤلؤ أكويا الدائري واللؤلؤ الباروكي واللؤلؤ المايبي– فيكثر استخدامها في أيامنا في الساعات الفخمة والفاخرة كعناصر زينة مذهلة بوضعها على غطاء الساعات المعدنية والتيجان. 

أما العنصر الذي اكتسب شعبيةً كبيرةً لا تصدّق، وذلك على الأرجح بسبب كثرة توافره وأسعاره المعقولة، فيتمثّل بعرق اللؤلؤ الذي يضيف لمسة تزيينية مذهلة وملفتة على أقراص الساعات. يتمتّع عرق اللؤلؤ بالإجمال ببريق أبيض حليبي في حين يمكن العثور عليه بألون طبيعية تميل إلى الأزرق والزهري والرمادي. 

تستخدم بعض علامات الساعات التجارية الراقية أقراصاً مصنوعة من عرق اللؤلؤ الطبيعي فحسب. في المقابل، تعمل بعض العلامات التجارية الأخرى إلى إضافة صبغات داكنة غنية إلى عرق اللؤلؤ الأبيض الطبيعي من خلال وضع لونٍ تحته أو طلاء الجهة غير اللامعة منه. 

يمكن حفر عرق اللؤلؤ أو وضع اللمسات الأخيرة عليها بنمط من الأشعة الشمسية ومع ذلك، غالباً ما يُفضّل عرق اللؤلؤ بحالته الطبيعية حيث يومض مع كل أشعة نور واستدارة معصم. 

وفي الآونة الأخيرة، ومع دخول لعبة أقراص الساعات المزخرفة فنياً عالم الساعات الراقي، يتم استخدام عرق اللؤلؤ لتزيين أقراص الساعات بأنماط محفورة ومنحوتة على شكل غيوم وجبال وثلج وماء وكروم وحتى طيور وحيوانات. وهكذا، كان من شأن هذه العمليات الإبداعية والابتكارية أن أدخلت الأبعاد الجديدة لهذه الحجارة الكريمة المولودة من كائنات حيّة عالم الساعات والأزمنة.